» الرئيسية » مقالات المركز » صرخة معصوم في وطن مكلوم - بقلم: إسلام الغمري


صرخة معصوم في وطن مكلوم - بقلم: إسلام الغمري

07 أغسطس 2018 - 12:32

  

تعددت المبادرات الشخصية في الأشهر الماضية الداعية لإيجاد حل سياسي للمعضلة المصرية كان آخرها نداء توجه به السفير معصوم مرزوق للسلطة والشعب في محاولة منه للإنقاذ وطن قبل أن يغرق ولست هنا معنيا بتقييم المحتوي لهذا النداء وبنوده التسعة الذي قد يقبله البعض أو يرفضه البعض الآخر ولكني معني بشكل جاد بالخطر الوجودي الذي يهدد بقاء مصر دولة موحدة حيث اصبح خطر السلطة الحالة يهدد هذا الوجود من الأساس حال استمرت هذه السلطة لسنوات أخر في سدة الحكم ، حيث لم تنجح هذه السلطة الفاشلة الخائنة في تحقيق الحد الأدنى مما وعدت به في صعيد من الأصعدة رغم مرور أكثر من خمس سنوات علي وصولها للسلطة اثر الانقلاب الذي قادة وزير الدفاع في 3 يوليو 2013 بدعم صهيوني ودولي واقليمي علي أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر والذي تم انتخابه عقب ثورة 25 يناير 2011 ليطيح بأول تجربة ديمقراطية وليدة ، وفي المقابل نجد بقايا معارضة قد فشلت في اسقاط هذا الانقلاب علي مدار سنوات رغم ما أتيح لها من فرص وإمكانيات ولكنها عجزت عن استثمارها بالشكل الأمثل مما دفع العديدين من أبناء الوطن  لإطلاق نداءات وصيحات تحذيرية أو ما يطلق عليه مجازا بالمبادرات ، ظنا منهم أن ذلك قد يساهم في انقاذ وطن من ورطته أو يقاظ نائم من رقدته ونحاول من خلال هذا العرض الموجز استيضاح ذلك.

واقع النظام:

لم تهدأ الساحة المصرية منذ انقلاب 3 يوليو حيث عمدت سلطة الانقلاب العسكري لمواجهة الاحتجاجات الشعبية الكبرى الرافضة للانقلاب بالقوة العسكرية الغاشمة حيث راح ضحيتها آلاف الأبرياء من كما عجت السجون بعشرات الآلاف تحت دعاوي زائفة وتهم ملفقة.

وصاحب ذلك كله فشلا ذريعا من هذه السلطة في إدارة كافة الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها.

 ولعل من أخطر ذلك على الاطلاق ملف الأمن القومي حيث ارتكبت هذه السلطة جرائم تصل لحد الخيانة العظمي من أبرزها:

-      التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية ظاهرا بينما المستفيد الأوحد هو الكيان الصهيوني حيث تحول المجري الملاحي بخليج العقبة من ممر مصري خالص لممر ملاحة دولي !!!.

-      ومن ذلك أيضا إعادة ترسيم الحدود البحرية المصرية بشرق المتوسط لتخسر مصر حقول غاز هائلة لصالح الكيان الصهيوني تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات ولتتحول مصر من دولة مصدرة للغاز الطبيعي للكيان الصهيوني لدولة تستورده منه !!!.

-      ومن ذلك أيضا اتفاقية السودان بخصوص نهر النيل والتي فتحت الباب لاستكمال أثيوبيا لبناء سد النهضة والذي أصبح يشكل تهديدا كبيرا لمصر وفتح الباب كذلك لابتزاز الكيان الصهيوني لمصر لكي يحصل علي حصة من مياه نهر النيل والذي يحلم بها منذ زمن بعيد.

-      ويضاف لذلك الحفر المزدوج لقناة السويس والذي أصبح مانعا طبيعيا (خط بارليف جديد) يعمق من عزلة سيناء عن باقي التراب المصري.

-       وليس ببعيد عمليات تفريغ سيناء من أهلها تمهيدا لما يسمي بصفقة القرن.

-      وكذلك حصار غزة ودعم حفتر في ليبيا.

-      كما يضاف لذلك أيضا التدمير الممنهج للمؤسسات وفي القلب منها الجيش والشرطة والقضاء إضافة لجهازي المخابرات العامة والحربية.

-       وكذلك التوسع في استصدار القوانين والتشريعات التي تفتح الباب لتجنيس وتوظيف من قد يشكل وجوده بهذه الصفة خطرا على الاستقلال الوطني،

-      ويضاف لذلك عمليات التوسع في الاقتراض الخارجي بشكل غير مسبوق مما يرهن مستقبل الأجيال الحالية والمستقبلية لخطر الاستعمار والوصاية المباشرة أو غير المباشرة،

-      وليس ببعيد تكريس الانقسام المجتمعي الحاد والذي يضع البلاد في أي لحظة على حافة الاحتراب الأهلي.

-      وليس ببعيد إقامة ما يشبه مستوطنة تدار منها البلاد (العاصمة الإدارية الجديدة) وما يمثله ذلك من خطر كبير على مستقبل واستقلال مصر.

-      وغير خاف الأوضاع الاقتصادية المزرية وما تمثله من خطر قد يحرق المجتمع كله في أية لحظة من اللحظات.

واقع المعارضة:

وفي المقابل نجد قوي المعارضة المصرية ( ثورية وشعبية وسياسية ) منذ  الانقلاب وحتي الآن قد عصفت بهم الفرقة والاختلاف سواء بفعل عوامل داخلية أو تحت وقع السطوة الأمنية للنظام أو ربما بفعل اختراقات مباشرة أو غير مباشرة نظرا لحالة السيولة الكبيرة التي سمحت بهذه التسربات لتمكن خلايا سرطانية من الكمون داخل الكيانات الثورية والسياسية ، حيث عمد بعض أصحاب الأصوات العالية من مجهولي النسب السياسي للتترس داخل بعض مكونات تيار الشرعية وقام بالتحصن ببعض مؤسساته ليشن من داخلها حملة شعواء تشويها وتخوينا لغالب الرموز والكيانات الوطنية والسياسية المعروفة ، وشنوا كذلك حملات منظمة لأفشال أي اصطفاف وطني كما استخدموا مصلحات التنفير والتكفير والتخوين وصيغ التعميم عند التحدث عن مؤسسات الدولة في تحرك يصب في الحقيقة لاستعداء كل هذه المؤسسات بشكل مطلق والتي يوجد بداخلها الفاسد والشريف كما هو شأن الوطن كله وذلك لشحن هذه المؤسسات بشكل دائم ومستمر ضد أي تحرك شعبي أو سياسي يسعي لاستنقاذ الوطن من العصابة التي تحكمه الآن ، وقد صاحب ذلك تباطء من البعض في كشف وعزل هذا الطابور الخامس الذي ينهش جسد المعارضة من داخلة وقد يكون هذا الموقف الغير مسؤول في التصدي لمن يطلق عليهم البعض اسم ( دواعش الشرعية ) رغبة من البعض في توظيف بعض هؤلاء في صراع  داخلي لصالح جماعة او تنظيم !!!

لا شك أن قوة المعارضة قد انحسرت بشكل كبير والسبب في ذلك بعض ما ذكرته آنفا وغيره ولكن رغم ذلك لا تزال هناك بعض عوامل القوة التي لا تزال تقلق الانقلاب كالمنصات الإعلامية والانتشار الجغرافي الكبير لقوي المعارضة بالخارج ولكنها رغم ذلك تبقي عاجزة تغيير الواقع أو النظام بمفردها مما يترتب عليه ضرورة الاستفادة من حالة ما يشبه الاجماع الوطني والمتفقة علي ضرورة انهاء مرحلة حكم السيسي والذي يمثل ببقائه انسدادا كاملا في الحياة السياسية وأكبر دليل علي ذلك ما قام به من إجراءات تعسفيه تجاه كل من أراد الترشح ضده في ما سمي بالانتخابات الرئاسية.

وقد يدشن هذا التحرك لمرحلة انتقالية جديدة لن تحقق بالضرورة تطلعات كل فريق بشكل كامل ولكنها قد تكون ضرورية لإنهاء حالة انقسام وانهيار الوطن والذي ستستمر طالما استمرت السلطة الحالية لفترة أطول.

وبناء علي ما سبق تأتي أهمية هذه النداءات والمبادرات والتي قد تحرك ماء راكدا وتفتح أفقاً مسدوداً وتوفر مسارات جديدة قد تتسع للكل مما يجعل من الضرورة والحكمة عدم الاشتباك أو التشكيك في نوايا مطلقي هذه الصيحات وموجهي هذه النداءات حيث  ينبغي أن تقرأ بأنها اجتهادات منهم لإنقاذ وطن يرونه يضيع فيصيبون فيه اجتهاداتهم أو يخطئون فلا ننشغل بمن ينشد الحل ويصف العلاج ونشتبك معه فنعطل حركة التغيير بينما ينجو لصوص الحكم الحاليين من غضبة الشعب ويستمرون  في تدمير الوطن وسرقة الوطن وعندها يندم الجميع حيث لا ينفع الندم .

فليكن شعار المرحلة:

 "أنقذوا الوطن قبل فوات الأوان"


بقلم: إسلام الغمري

رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية